الدكتور عبدالرحيم مكطوف الشدود الطائي
خبير واستشاري
كلية الكوت الجامعة
يتسم الاقتصاد العراقي بخصائص ومؤشرات تعكس صورة الدمار والتخلف التي مرت على العراق خلال العقود الخمسة الماضية، الأمر الذي يدعو لعملية اصلاح اقتصادي شاملة، طالما أن العراق يمتلك مقومات هذا الاصلاح بما أنعم الله عليه من موارد بشرية ومادية كبيرة، وسنتطرق هنا إلى خصائص ومؤشرات الاقتصاد العراقي بهدف الاستفادة منها في عملية الاصلاح الاقتصادي المنشودة وكما يأتي:-
أولاً: خصائص الاقتصاد العراقي:-
يعاني الاقتصاد العراقي من مشكلات بنيوية لازمته منذ اكتشاف النفط وتصديره، ومع وجود موارد اقتصادية كبيرة فان التخلف في كافة المجالات مازال يضرب بجذوره منذ العقود الماضية، وكانت السياسات السابقة قاصرة عن معالجة هذه المشكلات التي يعاني منها الاقتصاد العراقي الذي يتصف بتخلف البنى التحتية الاقتصادية والاجتماعية.
ويمكن ايجاز أهم خصائص الاقتصاد العراقي بما يأتي:-
1- اختلال الهيكل الاقتصادي:- يظهر هذا الاختلال واضحاً من خلال هيمنة قطاع النفط على مجمل القطاعات السلعية الأخرى سواء من ناحية عوائده التي تشكل أكثر من (90%) من حصيلة الصادرات أو من خلال قوة العمل في هذا القطاع، وهو المصدر الأساس أو الوحيد لتمويل برامج التنمية والانفاق الاستثماري الحكومي طوال العقود التي تلت الخمسينات من القرن الماضي، كما يعد هو الممول الرئيس للميزانية العامة للدولة، اذ أن القطاعات الأخرى لاتشكل سوى نسبة قليلة في الناتج المحلي، وهذا يعكس مدى الاختلال في الهيكل الاقتصادي للدولة العراقية.
2- اختلال التجارة الخارجية:- ويتضح ذلك من خلال تشوه الميزان التجاري بتضخم عوائد النفط وليس بسبب المصادر السلعية المنتجة محلياً، فضلاً عن التركز السلعي للصادرات بفعل طبيعة السوق المرتبطة بصادرات النفط إلى الأسواق الرأسمالية (أوروبا الغربية، الولايات المتحدة الأمريكية، اليابان) اذ تستوعب هذه الأسواق نسبة (73%-76%) من صادرات النفط العراقية ، وهو تشوه ناتج عن الاختلال الهيكلي في الاقتصاد العراقي، الذي يعود إلى إهمال السياسات الاقتصادية السابقة لسياسات التنويع الاقتصادي والاعتماد على تصدير النفط.
3- انهيار البنى الارتكازية في الاقتصاد:- وهذا يشمل قطاعات الطاقة والكهرباء والماء والنقل وأنظمة الخدمات العامة في الصحة والتعليم والاتصالات، بسبب سوء ادارة هذه المرافق وقلة الاستثمارات لصيانة الطاقات المتاحة فيها وادامتها لكي تتناسب مع الطلب المتنامي الناتج عن النمو السكاني خلال العقود الماضية، ويعود سبب ذلك إلى الحروب والنهب والتخريب الذي حصل بعد غزو العراق.
4- اختلال هيكل الانتاج:- أن هيكل الانتاج في الاقتصاد العراقي غير متوازن من حيث أولوية الفروع القائدة لتطوير القاعدة الانتاجية، وخاصة الصناعة الرأسمالية والتحويلية، اذ يلاحظ هيمنة الصناعات الغذائية على الصناعات التحويلية، إذ تشكل نسبتها (17%) من اجمالي الصناعات التحويلية .
5- اختلال هيكل الموازنة:- يغلب على الموازنة العامة للدولة ارتفاع مستوى العجز الناتج عن زيادة النفقات العامة على الايرادات العامة، ويعود السبب في ذلك إلى الاعتماد على عوائد النفط وعدم تنويع مصادر الايرادات العامة الأخرى، كالضريبة، وتفعيل دور القطاعات الاقتصادية الأخرى للمساهمة في زيادة الايرادات العامة الاتحادية وتلافي العجز الحاصل فيها، وعلى سبيل المثال فان الموازنة العامة الاتحادية للسنة المالية 2018 قدّرت ايراداتها بمبلغ (94775081193) اربع وتسعون تريليون وسبعمائة وخمسة وسبعين ملياراً وواحد وثمانين مليوناً ومائة وثلاثة وتسعين ألف دينار، بينما قدرت النفقات بمبلغ (105861973548) مئة وخمسة ترليوناً وثمنمائة وواحد وستين مليار وتسعمائة وثلاثة وسبعين مليوناً وخمسمائة وثمانية وأربعين ألف دينار ،بينما بلغ اجمالي العجز المخطط في الموازنة مبلغ (11086892355) احدى عشرة تريليون وستة وثمانين مليار وثمنمائة واثنان وتسعون مليون وثلاثمئة وخمس وخمسون االف دينار .
6- النمو المتسارع في معدلات البطالة:- يقدر حجم البطالة المتاحة في العراق نحو (5.
5) مليون شخص (حسب مصادر البنك الدولي) لعام 2007، بينما بلغ حجم البطالة قبل عام 2003 نحو (30%) ارتفعت بعد تغيير النظام السابق إلى حوالي (50%) ، ويضاف إلى هذا العدد مايعرف بالعمالة الناقصة التي تعني، ان عدد كبير من العاملين في القطاعات غير المنظمة والذين يعملون بأجور متدنية وبساعات عمل متذبذبة والتي وصلت نسبتها إلى 30% من الأيدي العاملة عام 2005 ، وأزاء هذه الحالة اعتمد عدد كبير من العوائل على الدعم الحكومي من خلال البطاقة التموينية في توفير الغذاء الأساس، وقد تفاقمت مشكلة البطالة بعد عام 2003 بسبب تسريح الجيش وقوى الأمن الداخلي وحل عدد من الوزارات وتسريح العاملين في شركات التصنيع العسكري وبعض أنشطة القطاع الخاص الناجم عن توقف الانتاج مباشرة بعد تغيير النظام السابق، وكما هو معروف أنه كلما ارتفع حجم البطالة فهذا يعني ان اقتصاد الدولة ضعيف، والعكس صحيح، فكيف باقتصاد فيه معدل البطالة لغاية 2018 يتراوح بين (17%-33%) وكما مبين في الجدول (1)، في حين ان المعدل المقبول لدى بعض الدول لايتجاوز (9%)، وعلى الرغم من أن البطالة كانت تشكل نسبة عالية في المجتمع العراقي، إلا أن هذه النسبة ازدادت أضعافاً بعد 2003 .
إن ارتفاع ظاهرة البطالة المقنعة في مؤسسات القطـاع العـام ارتفعت مابين (50%-60%) خاصة في القطاعين الصناعي والنفطي، مما يعني تحقيق خسائر نقدية ضخمة بسبب ارتفاع نسبة التكاليف الثابتة نتيجة الفائض في قوة العمل، مما يؤكد الصفة الريعية للاقتصاد الذي تقوم فيه الدولة بالدور الأبوي أو الرعوي.
جدول (1)
نسبة البطالة من اجمالي السكان في بعض المحافظات لعام 2018
المحافظة النسبة% المحافظة النسبة%
بغداد 16.80 نينوى 18.21
ديالى 17.81 كربلاء 17.52
النجف 23.73 واسط 7.25
القادسية 26.03 ذي قار 33.24
صلاح الدين 20.14 ميسان 21.78
التأميم 17.91 بابل 10.97
المثنى 27.75 البصرة 7.9
العراق 19.07
المصدر: وزارة التخطيط والتعاون الانمائي – الجهاز المركزي للاحصاء – نتائج مسح التشغيل والبطالة 2018.
7- شحة مصادر الاستثمار المحلي وضخامة الديون الخارجية:- إن الاستثمار المحلي لايشكل الا نسبة قليلة جداً في مساهمته بالاقتصاد العراقي، بسبب تخوف أصحاب رؤوس الأموال للاستثمار في العراق وهروب رؤوس الأموال المحلية إلى الخارج لعدم توافر البيئة الملائمة للاستثمار بعد 2003.
كما أن الديون الخارجية قدرت بنحو (128) مليار دولار، وحسب البيانات المستندة إلى الأمم المتحدة عام 1991، اذ بلغت ديون العراق آنذاك بنحو (41) مليار دولار، عدا الدول الخليجية التي تقدر ديونها بـ (27) مليار دولار، وهي بمثابة منح ومساعدات قدمت إلى النظام السابق ابان حرب الخليج الأولى، فضلاً عن الفوائد المتراكمة والمركبة منذ عام 1991 بمعدل (6%) ليصبح مقدار الدين بحدود (101) مليار دولار، ولو حسبنا الديون الخليجية معه لأصبح اجمالي الدين (128) مليار دولار تقريباً.
أما التعويضات، ومن خلال القاء نظرة معمقة على تقارير لجنة الأمم المتحدة للتعويضات، يلاحظ ان اللجنة تلقت أكثر من (206) مليون طلب بلغت قيمتها الاجمالية (351) مليار دولار، وقد تمت معالجة بعضها بقيمة (44) مليار دولار، وتم دفع (17.5) مليار دولار من عائدات النفط وباشراف الأمم المتحدة، وقامت (96) حكومة نيابة عن نفسها ومواطنيها وشركاتها باعداد تلك المطالب التي قسمتها لجنة التعويضات إلى ست فئات، أربع للأفراد، وواحدة للمؤسسات وأخرى للحكومات والمنظمات ، وهذا يعني إن المبالغ المطالب بها العراق على سبيل التعويضات تزيد عن الناتج القومي الاجمالي السنوي لديه، وكما هو موضح في الجدول .
وعلى الرغم من خطورة هذه المسألة فلم يصدر ماهو جدي لمساعدة العراق، لأن قرار مجلس الأمن جعل العراق مسؤولاً عن الخسائر المباشرة التي أعقبت غزو الكويت، وهو قراراً سياسياً لكونه لم يصدر بموجب لجنة قضائية محايدة .
اما في عام ٢٠٢٠ فقدرت الديون الخارجية والداخلية بحوالي ١٣٩ مليار دولار .(الاطلاع على الجدول في الأدنى الذي تم فيه الحصول على الأرقام الموجودة من صندوق النقد الدولي ونادي باريس ).(المصدر د.احمد هذال ،الاقتراضان الداخلي والخارجي في العراق،مركز البيان للدراسات والتخطيط،وقد حذر المختصون من الاستمرار في الدين العام فيما لو لم يوجه الى النهوض في الاقتصاد والإسراع في عملية التنمية الاقتصادية سيما وان معدل النمو قد تراجع كثيرا حتى وصل الى-٤٪.
تحياتي لكم والى بحث وموضوع اخر
:انضم الى المواقع الرسمية لكلية الكوت الجامعة
—————–
الموقع الإلكتروني:
http://alkutcollege.edu.iq/
فيسبوك:
https://www.facebook.com/alkutcollege/
تويتر:
https://twitter.com/kut_university
انستغرام:
https://www.instagram.com/kut_university_college/
تليكرام:
https://t.me/alkutcollegeuniversity
يوتيوب:
https://www.youtube.com/channel/UCacWJ80oVbbxcFWwPCqJWSg